Home

سنتان كاملتان على اختفاء الحَبرَين مار غريغوريوس حنا ابراهيم ومار بولس اليازجي

سنتان عبرتا والعدالة مسجونة في دهاليز الظلم، والعُتاة الأشرار نسٓوا أو تناسٓوا أنهم قيدوا وديعتٓين مباركتٓين، لهما على المنابر صولاتٌ وفي المحافل الدولية جولاتٌ، فيها الضمير يتكلم والصدق يتجسد والتضحية تُبذٓل في سبيل نشر كلمة الله بين الملأ القاصي والداني.

أُختطفا ظلماً وعُنتاً وبُهتاناً. لا لجريرةٍ اقترفاها، ولا لمصيبة احدثاها، وإنما لكونهما يحملان رسالة إنسانية أُعطيت لهما من الروح القدس ليزرعا السلام في مجتمعاتهما، والمحبة في كنائسهما، والكلمة الحلوة على المنابر الدينية والاجتماعية سعياً لعيشٍ آمنٍ يعيش فيه الأسد مع الخروف بلا وجل وبلا خوف ولا فزع.

إنها سبعمائة وثلاثين يوماً على غيابهما وكل المجتمعات تحدثت على هذا الغياب الجائر وشعرت المنابر الكنسية والاجتماعية بالفراغ الكبير الذي تركاه، فإن العيون تدمع والقلوب تنكسر والأحاسيس تفتش عن اللذَيْن بعثا الراحة في النفوس والإطمئنان في القلوب وتوسمت بهما الشعوب ابتهاجا كونهما صوتَين مجلجَلَين لإظهار الحق وقوته ودحر الباطل وعنفوانه.

ياسيدي: سيادة المطران مار غريغوريوس حنا ابراهيم صدق فيك ما قاله النبي (راحيل تبكي على أبنائها ولا تقبل ان تتعزى). الكنيسة السريانية تأبى ان تجد بلسماً ومعزياً لها بفقدك ولا راحة بغيابك، فالكنائس لا زالت تقرع أجراس القلق على غيابك والحسرات تتوالى والدموع تُذرف بسخاء في كل مكان.

شبهوك بابن العبري بباعك العلمي، وبيعقوب البرادعي بتنقلاتك التبشيرية في أقطار المسكونة لتقوم بالنيابة عن الكنيسة السريانية بأن تطلع العالمين عن مكنوناتها وكنوزها العلمية التأريخية والأدبية والطبية، ولم تترك باباً من أبواب العلم والعرفان إلا وطرقته، مثبتاً بأنك موسوعة علمية كبيرة.

غيابك قضّ مضاجعنا وتركنا حيارى في هذا العالم الظالم الغاشم، وها هم الاشرار يسودون بجهلهم الديني والاجتماعي، فماتت ضمائرهم ودفنوها في قبور حقدهم، وقطعوا أوصال الحضارة، وشتتوا المؤمنين شذر مذر، وبات أهل الدار غرباء في ديارهم، واعتدٓوا على النساء والأطفال والشيوخ ورجال الدين. وقطعوا الرقاب وأكلوا القلوب وشربوا الدماء، وماتت الإنسانية من داخلهم ولا شبيه لهم وبأخلاقهم على سطح البسيطة.

يا ضمائر العالم بشقَيه العربي والغربي استيقظوا وانقذوا هذَين الحبرَين الجليلَين وقد علاهما الشيب وأوشكت الأمراض تتغلغل في اجسادهما.
أيها الظلم كفاك جبروتاً.
أيها الجهل كفاك انتحاراً،
أيتها العدالة اثبتي وجودك،

لازلنا نُقيّم الصلوات، ونقدّم التضرعات، ولا نُميت الآمال في النفوس بأننا سنلتقي مع هذَين الراعيين الفاضلَين، نتطلع الى رجائنا في المسيح ان يحفظهما من الاذى، وهاهم يرددان بأصواتهما الجميلة ترنيمة القديس مار بولس الرسول القائل: جاهدتُ الجهاد الحسن، أكملتُ السعي وحفظت الإيمان فوضِع لي إكليل البر.

تصلي لكما الكنيسة أينما كانت، الكبير والصغير وبصوتٍ واحدٍ بقلوبٍ عامرة بالايمان والورَع ان تعودا الى منابر كنيستيكما بعزٍ وسؤددٍ.
الخوري عبدالأحد شارا