"الناسك
وابليس"
من قصص الكاتب توفيق الحكيم
أتخذ قوم شجرة،
وصاروا يعبدوها ...... فلم يكد يقترب منها أحد حتى ظهر له "
ابليس " حائلا بينه وبين
الشجرة ،
وفي أحد الأيام دفعت الغيرة الروحية أحد النساك
الذي نهض من صومعته وفي يده فأسا ليقطع الشجرة لأنها تضل الناس. وعند
وصوله الشجرة ظهر له ابليس وهو يصيح به :
- مكانك أيها ألرجل ... لماذا تريد قطع الشجرة
؟
- لأنها تضل ألناس .
- وما شأنك بهم ؟ دعهم في ضلالهم .
- كيف أدعهم ... ومن واجبي أن أهديهم ؟!
- من واجبك أن تترك الناس أحرارا ، يفعلون
ما يحبون .
- أنهم ليسوا أحرارا .... أنهم يصغون الى
وسوسة الشيطان ...
- أوتربد أن يصغوا الى صوتك أنت ؟
-أريد أن يصغوا الى صوت
الله .
- لن أدعك تقطع هذه الشجرة .
- لا بد لي أن أقطعها .
-فأمسك ابليس بخناق الناسك
....وقبض الناسك على قرن
الشيطان ... وتصارعا طويلا ......الى أن انجلت
المعركة عن انتصار
الناسك .
فقد طرح الشيطان على الأرض
وجلس على صدره وقال له :
- هل رأيت قوتي؟
فقال ابليس المهزوم
بصوت مخنوق :
- ما كنت أحسبك بهذه القوة . دعني وافعل
ما شئت .
فأخلى الناسك سبيل الشيطان
... وكان الجهد الذي
بذله في المعركة قد نال منه......
فرجع الى صومعته
واستراح ليلته ...
فلما كان اليوم التالي
حمل فأسه ، وذهب يريد قطع الشجرة ، واذا
ابليس يخرج له من خلفها صائحا :
- أعدت اليوم أيضا لقطعها ؟
- قلت لك لا بد لي من أن أقطعها .
- أوتظنك قادرا على أن تغلبني اليوم أيضا ؟
- سأظل أقاتلك حتى أعلي كلمة ألحق .
فتصارعا مجددا وخسر ابليس مرة أخرى . واعتبر
ابليس أن قوته لعظيمة !
وتفكر ابليس لحظة ...ورأى أن
النزال والقتال
مع هذا الرجل لن تتيح له
النصر عليه ، (فليس أقوى من رجل
يقاتل من أجل فكرة أو عقيدة ) . فرأى ابليس
النصر على هذا الرجل
فقط عن طريق " الحيلة" . فقال له بلهجة
الناصح المشفق :
- أتعرف لما أعارضك في قطع هذه الشجرة ؟
اني ما أعارض الا خشية عليك ورحمة بك
. فانك بقطعك الشجرة
ستعرض نفسك لسخط الناس . ما لك وهذه
المتاعب تجلبها على نفسك ؟....أترك قطعها
وأنا أجعل لك في كل يوم دينارين ...وتعيش في أمان وطمأنيتة .
- دينارين؟
- نعم ...في كل يوم تجدهما تحت وسادتك .
وافق الناسك بعد أن قطع له أبليس وعدا بذلك
..
وصار يمد يده تحت وسادته كل صباح لمدة شهر ، .
وفي ذات صباح مد الناسك يده تحت
الوسادة فخرجت فارغة . لقد قطع
ابليس عنه فبض الذهب
فغضب الناسك ، وذهب لقطع ألشجرة ...فاعترضه
ابليس في الطريق
، وصاح فيه :
- مكانك ..الى أين ؟
- الى الشجرة
لأقطعها .
فقهقه الشيطان ساخرا :
- بل لأزيل الضلال وأضيىء مشعل
الهداية .
- أنت ؟
- أتهزأ بي أيها اللعين ؟
- لا تآخذني .منظرك يثير الضحك .
- أنت ألذي بقول هذا ، أيها الكاذب
المحتال ؟
وانقض الناسك على
ابليس متصارعين واذا
المعركة تنجلي عن سقوط الناسك
تحت حافر ابليس .فقد انتصر
وجلس على صدر الناسك مزهوا متكبرا يقول له :
- أين قوتك الآن أيها الرجل
؟
فخرج من صدر الناسك المقهور
صوت كالحشرجة (الغرغرة عند
الموت وتردد لنفس ) يقول :
- أخبرني كيف تغلبت أيها الشيطان ؟.
فقال له ابليس :
لما غضبت لله غلبتني !،،، ولما
غضبت لنفسك غلبتك.... لما قاتلت لعقيدتك صرعتني ... ولما قاتلت لمنفعتك
صرعتك.
If you wish to add a true stories please send the stories to a
webmaster
[home]
|